د.فوزي ابوعودة
كلمة رئيس الشركة
في إطار التنافس اللامحدود بين المؤسسات الحكومية والخاصة محلية وعالمية، وبخاصة شركات الربح الإنتاجية في عالم يموج بأـفكار هائجة نحو السيطرة على السوق، ليحيا فيه من تطور بمواكبة عصره في مجالات المعرفة والمعلومات والتكنولوجيا، وذلك بالتدريب المستمر على الجديد الحسن كل في مجاله الذي هو مصدر الثراء وادخار واستثمار في العقل البشري الذي هو أهم مورد إنساني، ويندثر فيه من بقي على تقليديته وقدم أدواته. فمن الغباء انتظار نتائج جديدة بأدوات قديمة، لأن أدوات الأمس لا تصلح لأعمال اليوم، ومن طبق أدوات الأمس فإنه لن يحصل إلا على نتائج الأمس. لذا؛ أصبح التدريب العامل الأساس والركيزة الداعمة للانتصار في تلك المعركة بالسيطرة على مقدرات المجتمع قبل الغير ممن يتحينون فرص الانقضاض عليها على غرار التسويق الوحشي، وبدون التدريب يختلط الحابل بالنابل؛ فلا يُعرف جديد يتم التمكن منه، ولا قديم يتم البناء عليه، ومن باب أولى أن نبني من حيث انتهينا لا من حيث بدأنا لوقف الهدر بكافة أنواعه.
ونظراً للتغييرات المعرفية والتكنولوجية السريعة والمستمرة، والتطورات الحديثة في كافة جوانب الحياة وبخاصة ظهور ما يُعرف بالعالم الافتراضي والمنظومات الرقمية والأقمار الصناعية بثورة تكنولوجية جارفة لما هو تقليدي قديم، وكذلك اشتداد المنافسة بين الأفراد والمؤسسات في السبق لتحقيق الإنجاز وقطف الثمار، والحد من الهدر الزمني والمالي الذي يلحق بها جراء الهروب للدعة والراحة والسكينة والأعمال التقليدية دون البحث عن الجديد وامتلاك تقنياته.
إن تعقيدات الحياة التي تعيشها الإنسانية اليوم أفراداً وجماعات ومؤسسات تفرض حالة من التخطيط المُحكم حتى لا يقع هؤلاء في الهاوية ويحصدوا مزيداً من الخسائر، بينما ينجو غيرهم ممن نظروا للحياة نظرة مغايرة، ولم يقبلوا أن يكونوا الفريسة التي ينتظرها صيادها ببلاهة ما تفكر وتعمل، ولا ضحية مكر وخداع الآخرين لعدم وجود قدرة أو مهارة تسعفهم في التفكير المجدي لإنقاذهم وإنقاذ مجتمعهم.
لذلك كله، رأينا أن التنمية البشرية ومكنوناتها الجوهرية هي القاعدة الأساسية لبناء عقلي سليم في ذات الإنسان بما يملكه نفس وعقل وروح وجسد، وكذلك المجتمعية بمحتوياتها العقائدية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وغيرها. فمنها تبدأ البدايات الأولى في تأهيل العقل من حيث القدرة والمهارة لاستيعاب كل ما يُلقى فيه من معلومات ومعارف ومهارات، ففي مناطقها المنظمة يتم تنظيم تلك المعرفة تنظيماً لا يعرف متاهة ولا نسيان، بل تنظيماً يعرف طريق الإنتاج من ذلك العملاق (العقل).
ولأننا في عالمنا العربي لا نهتم كثيراً للأسف بالتنمية البشرية؛ فلا نمنحها لأبنائنا الطلبة في مدارسهم وجامعاتهم، حيث لا توجد مواد دراسية ولا دورات تدريبية لتنمية قدراتهم ومهاراتهم العقلية؛ نجد ذلك في مخرجات تلك المدارس والجامعات، فكيف لمعلومات الاقتصاد والتاريخ والهندسة وغيرها التي نعلمها لأبنائنا الطلبة أن تجد مكاناً لها في فضاء عقلي خاوٍ من كل تنظيم، ولا يوجد بنية معرفية واعية لاستقبالها. فبذلك تكون التنمية البشرية بموضوعاتها المختلفة هي الفرشة التي تتكئ عليها كل معلومة وافدة من مصادر الحس البشري، بل هي شريان الحياة المتدفق بالدم المتجدد المغذي للإنسان في كافة مناحي الحياة، وهل يبقى إنسان على قيد الحياة بدون ذلك الشريان؟ ! من هنا نتخيل مدى تلك الأهمية وقلة اهتمام مجتمعاتنا العربية بها والحالة الشعورية والمجتمعية التي وصلنا إليه، وبالمقابل فإن المجتمعات المتقدمة التي اعتبرت أن التنمية البشرية هي رسالتها الأولى، فكانت بمثابة الوقود الذي يطلق العنان للطاقات المؤهلة لتقود أفرادها ومؤسساتها لما نراه فيها اليوم من حالة الارتقاء الحضاري الشامل.
لقد بات من المؤكد حدوث ذلك التباعد وتلك الفروق ببون شاسع بين مستويات المؤسسات الأكاديمية في مستوياتها المحلية والإقليمية والعالمية، فتلك مؤسسة قد حققت إنجازاً عظيماً في مضمار البحث العلمي ومخرجاتها من الخريجين الذي أصبحوا رواد لمجتمعاتهم، وتلك أخرى نالت ارتكاسة في خدماتها وتراجع في مخرجاتها حتى أصبحت لا تذكر بين المؤسسات مثيلاتها، بل أصبحت على شفا الهاوية قد تنهار أو تندثر بين عشية أو ضحاها. هل فكرنا ما الذي أحدث ذلك الفرق والبون الشاسع؟! نعم إنه التأهيل المستمر والمتواصل لكوادرها البشرية التي حرصت إدارتها على مواكبة تلك الكوادر للجديد في علومهم ومعارفهم والتكنولوجيا التي أصبحت الفارق الحقيقي عند استخدامها الاستخدام الصحيح والأمثل بين ما هو متقدم وما هو متخلف. والتدريب هو الروح الذي بدونه لا نتأمل أي تقدم لأي فرد أو مؤسسة.
ولا ننسى أبداً أن هناك تصنيفات لأفضل مائة مؤسسة في العالم، وأفضل خمسمائة مؤسسة، وغيرها من التصنيفات، أفلا يحق لنا أن نطمح أن يُدرج أسماء مؤسساتنا في تلك التصنيفات فنرقى بارتقائها، ويصعد نجمنا بعد أفول حتى نصبح مصدر اعتزاز وفخر للآخرين ونزهو بمكتسباتنا لنهديها لشهدائنا ومن ضحوا من أجلنا فننجو وينجو الوطن.
لذا، ولأجل أن تكون مؤسستكم من المؤسسات الرائدة ليس في دولة ليبيا العزيزة فحسب، بل على مستوى المنطقة ومن ثم العالم، وجدنا أن تنفيذ الموضوعات التالية تدريباً لأفراد مؤسستكم العتيدة سوف يسهم في إيجاد الكوادر الكفؤة التي تحقق الطموحات التي تحلمون بها في قيادة العمل المهني من أجل إيجاد مخرجات يُتوجها جيل شبابي مهني واعٍ وقادر على ممارسة الحياة على المستوى الشخصي والمهني بكفاءة واقتدار لقيادة سفينة ليبيا الحديثة نحو بر أمانها وأماننا جميعاً، وذلك بما رسمنا معه خط النجاة بشراع بوصلة العلم والمعرفة والتكنولوجيا الحقة.